الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

السلاحف العنكبوتيه النادرة تواجه خطر الانقراض





السلحفاة العنكبوت – واحدة من أندر السلاحف في العالم – وتعتبر بمثابة وجبة رئيسية اشبه بأطعمتنا التي يتم طهيها داخل افران الميكروويف، ولكن على طريقة قبيلة الميكيا التي تعيش في احراج مدغشقر القاسية.
تتلخص طريقة طهي القبيلة لطعامها في دفن السلحفاة في رمال شديدة السخونة لمدة 20 دقيقة تكون الاحشاء الداخلية بالغة السخونة بعدها تصبح جاهزة للطعام.
ويوضح سولو، صائد السلاحف الموسمي، قائلا "بالامكان تناول الوجبة في صدفتها الخاصة، كما انه من الصعب الاحساس بالشبع بعد تناول مثل هذه الحيوانات الصغيرة".
وتواجه السلاحف العنكبوت تهديدات من بينها ما هو متعلق بسلوك قبيلة الميكيا الى جانب تهديدات اخرى قد تؤدي لانقراضها، ولذا هل يمكن لمجموعات جديدة من السكان ان تنتشلها من هذا الخطر ام انها ستواجه احتمالات متزايدة تهدد وجودها؟

الحياة البرية في مدغشقر

تضم جزيرة مدغشقر الواقعة قبالة سواحل جنوب شرق افريقيا مجموعة من أندر الحيوانات والنباتات في العالم.
ويقدر العلماء، تحت أسوأ الظروف، انقراض السلاحف العنكبوت في غضون عدة عقود، وهو ما قد يكون أقل من فترة عمر السلحفاة نفسها.
ونتيجة لذلك أدرج الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة عام 2008 السلحفاة العنكبوت على القائمة الحمراء للانواع المهددة بالانقراض.

بيئة السلحفاة العنكبوت

تشير الابحاث الميدانية الاخيرة التي اجراها علماء الاحياء لدى الجامعة المفتوحة ببريطانيا ومؤسسة دراسة التنوع الحيوي في مدغشقر الى جانب مؤسسة "بلو فينتورز" غير الحكومة المعنية بالحفاظ على البيئة البحرية ومقرها بريطانيا، الى بارقة أمل بعد ان توصل العلماء الى تحديد مجموعة جديدة من السلاحف العنكبوت يسجل عددها رقما قياسيا غير مسبوق بالنسبة لهذه الانواع.
هذه الانواع ليست فقط المجموعة الاخيرة ضمن الانواع الثانوية التي تسكن المنطقة الشمالية (الاكثر عرضة للانقراض)، بل انها ايضا آخر مجموعة في الانواع ككل.
تشير الدراسات التي اجريت في كانون الثاني (يناير) الى أنه يوجد في الهكتار الواحد 19.8 سلحفاة من هذه المجموعة السكانية الجديدة، ما يعادل نحو 20 مرة متوسط الكثافة بالنسبة للانواع الفرعية، ونحو عشرة مرات متوسط الانواع اجمالا.
ويقول ريان ووكر، عالم الاحياء الميداني بالجامعة المفتوحة في بريطانيا "ما عثرنا عليه هو بيئة السلاحف العنكبوت، انها البقعة الاخيرة على الارض التي يمكن العثور فيها على هذه الانواع من السلاحف بوفرة قبل تدخل الانسان".
في عام 2010 حصل ووكر وزميله تسيلافو رافيلياروزا من مدغشقر، الذي يعمل لدى مؤسسة دراسة التنوع الحيوي في مدغشقر، على معلومات من احد صائدي السلاحف تشير الى وجود موقع يضم مجموعة كبيرة من السلاحف، وبناء عليه طلب الباحثان من مؤسسة (بلو فينتورز) غير الحكومية، التي تتخذ من المنطقة مركزا دائما لنشاطها، اجراء مسح لخمسة مربعات (بحثية) كل ستة اسابيع في العام.
وتعين على القائمين بالمسح الاستعانة بتمويل من صندوق الحفاظ على السلاحف وتحالف انقاذ السلاحف بالولايات المتحدة لتسجيل جنس وحجم وعمر جميع السلاحف التي يعثر عليها، ووضع علامة على ظهورها باللون القرمزي.
واثبتت الابحاث وفرة السلاحف في الموقع الذي اجرى فيه الباحثون مسحهم خلال خمسين ساعة في منطقة تصل مساحتها الى نحو خمسة هكتارات، وهي تقريبا نفس النتائج التي توصل اليها ووكر ورافيلياروزا بعد قضاء نحو ثلاثمئة ساعة عمل والسير بطول مئة وثلاثين كيلومترا بين نهر مانجوكي الى الشمال من منطقة وجود السلحفاة العنكبوت الى موقع قريب من منطقة لاك انتوني.
ويكثر وجود صغار السلاحف بشدة في المواقع حديثة الاكتشاف، اذ تضم نحو ستين في المئة من اجمالي السلاحف الساكنة بالموقع.

بيئة حيوانية محرمة

يعتقد سكان القرى ان تناول سلاحف العنكبوت يسبب الوفاة، او على اقل تقدير يجلب عقابا من الاسلاف.
ويوضح ووكر، الذي عثر مؤخرا على مجموعة تزيد على ثمانين صدفة محترقة لسلاحف في المنطقة، انه نظرا لعمليات الصيد الجائر التي ادت الى تراجع أعداد نوع من السلاحف يعرف باسم "السلحفاة المشعة" – وهي سلحفاة يصل حجمها الى حجم راحة القدم ولا تتمتع بمهارات في المراوغة – تحولت قبيلة ميكيا المتنقلة الى تناول السلاحف العنكبوت.
وعلى الرغم من تحذير رئيس القرية، الذي تطوع باجراء اعمال مسح من اجل الابحاث في المنطقة، بانزال عقاب على كل من يأتي من قبيلة ميكيا للبحث عن السلاحف، مازال افراد من القبيلة يزورون المنطقة.
واضاف ووكر انه على الرغم من كون قبيلة ميكيا تشكل تهديدا خطيرا للسلاحف، فلابد من تذكر ان افراد القبيلة من اكثر الافراد بدائية في العالم، ويقول "لهذه الاسباب يصبح الصيادون الذين يعيشون على اصطياد قردة الليمور والفواكه والعسل البري وأكل السلاحف فارقا بين الحياة والموت بالنسبة لهذه الانواع".
من جهة اخرى ومن اجل اشباع رغبتهم في الحصول على الحطب اللازم لاغراض الاشعال، تفرض قبيلة ميكيا تهديدا اخر يمتد ضرره لسلاحف العنكبوت الا وهو الحاق خسائر بيئية بموطن هذه السلاحف.
جدير بالذكر ان الغابات الشوكية بمدغشقر التي تضم اشجار الباؤباب تحتوي على الكثير من انواع النباتات المستوطنة بالمنطقة مقارنة بأي نظام بيئي اخر بالجزيرة.
وفي عام 2007 اظهرت صور تحليلية التقطتها من الجو المؤسسة الدولية للحفاظ على البيئة اختفاء ما يصل الى نصف الغابات الشائكة في الفترة بين عامي 1970 و 2000، بمعدل فقد تراوحت نسبته من 50 الى 80 في المئة خلال العقد الماضي.
كما أكدت دراسة تحليلية اخيرة اجراها ووكر ورافيلياروزا وزملاء من جامعة وولونجونج الاسترالية ان معدل الفقد السنوي للغابات خلال العقد الماضي في بعض المناطق التي تضم سلاحف العنكبوت يصل الى 1.2 في المئة، وهو ما يمثل نحو ثلاث مرات متوسط معدل فقد الغابات في شتى ارجاء افريقيا اجمالا.

السلاحف المتنقلة

تشير ابحاث ووكر، من جانب ايجابي، الى ان السلاحف العنكبوت قد تكون اكثر مرونة تجاه بيئة الغابات التالفة اكثر مما كان يعتقد في السابق.
ويسود اعتقاد واسع بان السلاحف العنكبوت لا تتنقل بين مساحات شاسعة من الاراضي التالفة، في حين ثبت ان ثلث مجموع السلاحف التي خضعت للدراسة، باجمالي 57 سلحفاة، تم التقاطها من مربعات بحثية مختلفة تفصلها عن بعضها خميلات (شجيرات الاراضي الجافة).
وفيما يتعلق بالمعلومات المتوفرة بشأن تنقل السلاحف قال ووكر "للاسف ليست لدينا ادنى معرفة بشأن الانماط المتباينة للسلاحف العنكبوت، كما ان جميع ملاحظات العلماء السابقة ربما تكون محض تخمينات".
لكنه مازال هناك اعتقاد بان السلاحف ربما تنتقل على ارجح التقديرات في موقعها لمسافة كافية تكفل لها للالتقاء مع اقرب مجموعة تجاورها في السكن قد تبعد عنها نحو 40 كيلومترا.

حظر الاتجار

لا تقتصر التهديدات على ما تواجههه هذه السلاحف في بيئتها فحسب، بل تمثل "مافيا السلاحف" تهديدا اخر يستهدفهم دون غيرهم .
لقد حظرت الاتفاقية الدولية بشأن الاتجار بالحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض عام 2004 الاتجار دوليا بالسلاحف، غير ان عصابات مافيا الاتجار بالسلاحف مازالت تزاول اعمال تهريب تلك السلاحف خارج البلاد.
حتى إنه تم ضبط مسؤولين كبار في الجيش بعضهم بحوزتهم حقائب محشوة بالسلاحف على متن طائرات عسكرية.
واذا انقرضت السلاحف العنكبوت، فلن تكون أولى انواع السلاحف التي انقرضت في مدغشقر بعد ان استطاع اسلاف قبيلة ميكيا القضاء على النوعين الوحيدين من السلاحف العملاقة بالجزيرة.
كما تضم قائمة اكثر السلاحف المهددة بالانقراض ثلاثة انواع اخرى من السلاحف، وهي سلاحف الذيل المسطح، والسلاحف "المشعة" و سلاحف "نصل المحراث".